Thursday, May 29, 2008

الحالة العامة من الفوضى المجتمعية السبب الخامس عشر

السبب الخامس عشر


الحالة العامة من الفوضى المجتمعية

هذه الفوضى لها صور كثيرة منها
- حدوث تفاوت شديد بين طبقات المجتمع سواء فى المستوى المادى أو الاجتماعى أو الثقافى
- تغير معايير التقدير و الاحترام حيث أصبح المال هو المعيار الوحيد لتقييم الناس و أصبح الاحترام يشترى بالمال و للأسف صاحب الثروة يحظى بالاحترام حتى لو كانت مصادره غير شريفة و معروفة صراحة. فأصبح جنى المال من طرق غير مشروعة فى كثير من الأحيان مدعاة للفخر و يعتربونه شطارة.
- عدم توقير الكبير.
- غياب كبير العائلة الذى كان يفصل بحكمته فى المشاكل داخل العائلة و يحمى المجتمع من التمادى فى الفساد و كان يوفر على الناس اللجوء للقضاء.
- عدم الرحمة بالضعفاء و التمادى فى قهرهم و إزلالهم
- خروج الفتيات لفترات طويلة بدون رقابة
- تجمعات الأصدقاء (الشلل) التى تبدأ سهراتها بعد منتصف الليل بساعات.
- عدم سيطرة الآباء على بيوتهم.
- تعود الفتيات على إقامة علاقات غير مشروعة قبل الزواج و هى فى قمة الاطمئنان أن العريس المنتظر لن يعلم شئ عن ماضيها.
- أن يصبح كل ما هو منكر عبارة عن تعاملات معتادة يومية.
- و الكثير و الكثير.

هذه المظاهر من الفوضى و ضم عليه ما ذكرناه من أمثلة فى الأسباب السابقة ستتكون أمامك صورة مريعة من الفوضى.

ما علينا
نأتى الآن لما يحدث عند الجواز،
فى الماضى كانت الناس تعرف بعضها البعض و الأسر و العائلات معروفة و كان يكفى للعريس أن يقول أنا من عائلة فلان حتى يعطى صورة كاملة عمن هو و ما حسبه و نسبه و صفات أهله و كان الأهل بمجرد أن يعرفوا أصل العريس كان هذا يكفى لإتخاذ قرار مبدأى بالموافقة أو الرفض و إذا كان هذا النسب مناسب لهم أم لا.

أما الآن و بالذات فى المدن و بالأخص الكبرى منها فأصبح الناس لا يعرفون بعضهم البعض و إذا جاء العريس يحتاج إلى أن يذكر كثير من التفاصيل كى يعرف نفسه و الله أعلم بصدقه و يأتى بعد هذا السؤال عليه و كل واحد يقول ما يمليه عليه ضميره، فتجد صعوبة فى تقرير مدى ملائمة هذا العريس و إذا كان مناسبا أم لا؟
بالطبع كذلك عندما يبحث الرجل عن عروسة فهو لا يعرف أى شئ عن أهلها و لا يستطيع توقع أسلوبهم فى التربية و لا ما هو المباح و لا الممنوع لدى هذه الأسرة فى تصرفات بناتهم؟

بعد كل هذه الفوضى كيف يعرف الشريك شريكه المناسب؟ و إذا تم الزواج هل تضمن له الاستمرار؟ و إن استمر هل تضمن ألا تظهر مفاجآت مستترة من الماضى تنغص على هذا الزواج سلمه؟

Wednesday, May 28, 2008

الحالة العامة من اليأس و الخوف من إنجاب أبناء فى هذه الظروف المرعبة السبب الرابع عشر

السبب الرابع عشر


الحالة العامة من اليأس و الخوف من إنجاب أبناء فى هذه الظروف المرعبة

بعض الناس أخذ يفكر بطريقة سوداوية إنهزامية و فقد الأمل فى الغد و أصبحوا يائسين و خائفين أن ينجبوا أطفالا يضيعوا فى هذه الظروف شديدة السوء، و نعم يجب أن نعترف أننا نعيش فترة من أصعب و أعصب الفترات فى حياة المجتمع الإنسانى.

فنحن الآن نعيش أزمة مادية طاحنة و تزداد سوء يوما بعد يوم فكيف يقوم الرجل بالإنفاق على أسرته ثم على أبنائه ثم على تعليم أبنائه و ما يشمله من مصاريف مدرسة و كتب و زى و مواصلات ثم الدروس الخصوصية التى أصبحت مصيبة تصيب الديار المصرية بالفاقة و العجز.

كما أنهم ينظرون إلى تلوث الثقافة و لا يعرفون كيف يربون أبنائهم فمن الواضح الآن أنك إذا حاولت أن تربى أبنائك على الفضيلة فسوف تكون غريبا شاذا عن كل ما يحيط بك من تلفزيون و محطات فضائية و مجتمع الشارع الذى هو نحن أيضا فلم يعد الناس يحترمون بعضهم البعض و لا يراعون مشاعر المارة فأصبح من الطبيعى المعتاد أن تسمع السباب بين الشباب مخلوطة بالألفاظ النابية الخادشة للحياء. و لاحظ أيضا المدرسة و الجامعة فقد أصبحت أماكن للانحلال و الفوضى و تكوين علاقات غير مشروعة، فقل لى بالله عليك كيف تأمن على ابنك أو ابنتك فى ظروف كهذه؟ فأنت تربى فى البيت بكلمة أو فعل و بقائك بجوار أبنائك قليل و على الجانب الآخر كلمات و أفعال كثيرة و مستمرة مضادة لما تقول، فمن تظنه سيكسب الصراع و إلى أى جانب سيميل أبنائك؟

لاحظ أيضا أن الأب و فى أحيان كثيرة الأم أيضا متغيبين فى العمل لأوقات كثيرة و كذلك الأبناء يضيع وقتهم بين المدرسة و الدروس فأين و متى يتم لم شمل الأسرة؟

الظاهر فى الوقت الحالى أنك مجبر و مكره على ترك أبنائك للضياع!
هذه الفكرة عندما تسيطر على بعض الناس تصيبهم بالرعب فهو يعلم إن إنقاذ أبنائه صار صعبا و قد يكون مستحيلا فلماذا يأتى بأبناء يسببون له حسرة القلب إذا ضاعوا؟

لاحظوا انتشار المخدرات
لاحظوا انتشار الألفاظ النابية
لاحظوا انتشار الفاحشة و الجواز العرفى
لاحظوا انتشار عقوق الوالدين

كما أن هناك ضغط إعلامى كثيف لإسقاط الشباب كما فى الفيديو كليبات و الإعلانات ناهيك عن ما يسمى ستار أكادمى و هو برنامج تفوح منه رائحة الرذيلة و الدعوة إلى الفساد بوضوح و لا يخفى هذا على عاقل، إن هذا البرنامج ليس عشوائيا بل هو موجه و منظم و بذلوا فيه الجهد الجهيد حتى يستبدلوا القيم النظيفة فى رؤس الشباب بأخرى نتنة نجسة تفوح منها رائحة الخبث و العفن، وماذا يكون أقوى من هذا لهدم مجتمع؟ و أنبهكم أن تحرصوا على أنفسكم و أبنائكم من متابعة أو التفاعل مع هذا البرنامج و أمثاله.

كل ما ذكرت و أكثر فعلا يصيب العاقلين بالرعب على ذريتهم فيصاب بعضهم بالخوف من الإنجاب فلا يتزوج

اللهم ارفع مقتك و غضبك عنا
اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه
اللهم بدل حال المسلمين إلى أحسن حال
و أعد المسلمين إلى الأخلاق الحميدة يا رب العالمين

نشوء ثقافة مجتمعية خاطئة و متناقضة مع مجتمعنا و انتشار مفاهيم خاطئة السبب الثالث عشر

السبب الثالث عشر


نشوء ثقافة مجتمعية خاطئة و متناقضة مع مجتمعنا و انتشار مفاهيم خاطئة

ظهرت هذه المشكلة كنتيجة للمشكلة السابقة فبعد أن فقدت الأجيال الجديدة الثقة فى مبادئ المجتمع الذى ينتمون إليه و تزامن هذا مع الإنبهار بالحضارة الغربية و وضوح مدى الفجوة بيننا و بينهم فى التقدم و القوة، كما أن الغرب طور أساليب قوية لنشر ثقافة موجهة و إيهامنا بأن هذه الثقافة هى التى أدت به إلى الرقى و التقدم و لكن هذا خداع و للأسق أننا انخدعنا بمنتهى البساطة.
بالطبع الإنسان الفاقد لنموذج جيد للمبادئ سينجرف بدون قصد وراء ما تبثه وسائل الإعلام الموجهة و المخادعة وراء الثقافة الغربية و يأخذ منها و يطبق بلا فهم و لا وعى، طبعا المبادئ الغربية تتفق مع المنافع و الملذات القريبة و لكنها فى النهاية تؤدى إلى آثار سلبية على المدى البعيد.
أنا لا أنكر التقدم الغربى و لكن أنكر الأسباب التى ننجرف نحن ورائها فهم لم يتقدموا بسبب تبرج و تعرى النساء و لا بفقدان الرجال لكرامتهم و لا بشرب الخمر و لا الحرية الجنسية و لا بعدم احترام الكبير و لكنهم تقدموا بسبب العمل و الجهد المتواصل و الصبر و التخطيط و استمرار تماسك القائمين على التطوير و نقل الخطط بصورة صحيحة للأجيال القادمة.

للأسف أننا تخيلنا أن الدين و العادات السليمة المتوارثة تقيدنا و تعيقنا و ظننا أن الانحلال الذى يقدمه الغرب هو الحل و أصبح الكثير يتباهى بانحلاله على أن هذا تقدم و حضارة.
و لكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح.

كما قلت لكم لكل مبدأ نقوم بتطبيقه أثر على المدى القريب و آخر على المدى البعيد. نقول مثال سريع

الشاب المتفتح معتنق المبادئ الغربية يكون سعيد جدا بصديقته المتشبهة بالغرب و ينطلقون بحرية لينالوا كل ما يشتهون من ملذات، و تأتى لحظة الحقيقة و التخطيط للزواج، عندها يهجر الشاب عشيقته المتحررة ذات الطابع الغربى و يبحث عن فتاة محترمة ذات طابع شرقى!!!

أليس هذا ما يحدث؟

الفتاة المتحررة كسبت على المدى القريب كل الملذات و على المدى البعيد خسرت زوجا كانت تهدف إليه.
أما الفتاة المحترمة الشرقية عانت من القيود على المدى القريب و لكنها فازت بزواج ذو علاقة متينة مبنية على الثقة على المدى البعيد.

هذا مجرد مثال بسيط لتوضيح الأثر القريب و البعيد و لكن فى الواقع هناك أمثلة أطول أمدا و أكثر تعقيدا و لا يستوعب أحد الدرس إلا بعد سنوات بل عقود عديدة. فمثلا الحرية الجنسية و معروف أنها مكفولة فى أمريكا و لكن هل تذكرون مؤتمر حقوق المرأة الذى عقد فى الصين منذ عدة سنوات و كانت مصر من ضمن الدول المشاركة فيه؟ فى هذا المؤتمر تمت التوصية بتطبيق الحرية الجنسية و كذلك تدريس الجنس فى المدارس فى كل دول العالم و فى نفس الوقت حدثت مظاهرات نسائية قوية جدا فى الولايات المتحدة الأمريكية تتعارض مع المؤتمر و كان مفادها أن الحرية الجنسية و تعليمها فى المدارس أدى إلى فساد كبير فى المجتمع الأمريكى و نحن ننادى بمنع الحرية الجنسية و منع تدريسها، هذا كلام مجتمع عانى من التحرر و كنا نظنه ينعم بالتحرر، و لم يدرك المجتمع سوء النتيجة إلا بعد أن وقعت بالفعل.
أيضا فيما قبل التسعينيات من القرن الماضى كانت أوروبا تشجع الرضاعة الصناعية حفاظا على جمال و قوام المرأة و اعتبروا الرضاعة الطبيعية انتهاكا لحقوق المرأة، ثم فى التسعينيات حدث العكس و انطلقت الدعوات الكثيفة للعودة للرضاعة الطبيعية و وجدوا أنها تحمى من سرطان الثدى و تقى المرأة و الطفل من الأمراض النفسية و تزيد الروابط بين الأم و الأبناء ،و بالتالى الأسرة ككل، كما أنها تحافظ على صحة و جمال المرأة أكثر.

فى المثالين الأخيرين لم يتم إستيعاب خطأ الفكرة إلا بعد تنفيذها لعشرات السنوات. أقصد من هذا أننا لو اعتمدنا على تجاربنا فقط دون الاعتماد على مصادر دقيقة سيعرضنا هذا للكثير من الخسائر و الفساد و ضياع السنوات حتى نفهم و نكتشف الصواب من الخطأ. و هذا على مستوى الدول و المجتمعات فما بالكم بها على مستوى الأفراد؟

نخلص من هذا أنه لا يجدر بنا ضرب الأعراف و التقاليد الصحيحة و البحث عن تجارب لم تكتمل و نضيع الوقت فى انتظار و فهم النتائج و ألا نرجع لخبرات السابقين و لا نستفيد من تجاربهم فهذا إهدار لكل القيم.

المضحك و الداعى للسخرية فى الموضوع أننا مصرين على إعادة التجارب الغربية بعد أن ثبت فشلها!
أم تعتقدون أننا مصرون على انتهاج طريق الفشل و أننا كارهون للنجاح؟

لهذا يجب علينا التمسك بقيمنا و مبادئنا، طبعا الصحيح منها و الاحتفاظ بهويتنا لأننا كشرقيين عندما سنتزوج سنبحث أيضا عن شرقيين و سنستقر كأسر شرقية. و أريد أن أذكركم أن أجدادنا سادوا العلم وقت أن كانوا شديدوا التمسك بهويتهم.

Tuesday, May 27, 2008

لخبطة الثقافات من أسرة لأسرة و فرديتها السبب الثانى عشر للعنوسة

السبب الثانى عشر

لخبطة الثقافات من أسرة لأسرة و فرديتها

هذه مشكلة كبيرة أصابت مجتمعنا حيث أنك لا تستطيع أن تحدد صفات عامة سائدة لهذا المجتمع و للأسف قلما تجد أسرتين متفقتين على نفس المبادئ و المفاهيم و بالطبع هذا نتيجة لسببين تحدثنا عنهم سابقا و هما
فقدان الهوية
و انهيار التقاليد و العرف

هذا أدى إلى أنك أصبحت تجد كل أسرة تعتنق مبادئها الخاصة و التى تختلف عن الأسر الأخرى فأصبحت لكل أسرة ثقافة على حده، بل و أحيانا تجد أن لكل فرد فى الأسرة ثقافته المنفصلة فيصبح داخل الأسرة الواحدة ثقافات متعددة و بالمرة صراع ثقافات.

ما أسباب الثقافات الفردية؟
السبب أننا كمجتمع أرحنا أنفسنا و عقولنا من التفكير و المعرفة مما أدى إلى أن الناس لم تعد تعلم أى شئ عن أى شئ فيبنى كل واحد ثقافته على أشياء غير واقعية فمنهم من يبنيها على ما يذكره من آبائه و أجداده أو على ما يتخيل أنها ذكريات و يكون آباءه أبرياء مما يفعل و منهم من يعتمد على استنتاجاته الوهمية الغير مستندة لأى أساس و منهم من يحاول أن يعرف و لكن بدون مجهود فيقرأ مثلا من كل كتاب سطرين أو يتصفح عناوين الموضوعات فيظن أنه عرف ما لا يعرفه الآخرين فيشرع فى تكوين ثقافته الخاصة مهاجما كل من حوله من منطلق أنه الوحيد الذى قرأ أما هم فلا يعرفون شيئا. و هكذا تجد كل واحد فاكر نفسه هو اللى صح و كل اللى حواليه غلط!
طبعا هذه مأساة

عند محاولة الارتباط و بداية التعارف خاصة بين الأسر يظهر التناقد الرهيب بين المفاهيم و من ثم تفشل محاولات التفاهم. فى المحاولات التالية يبدأ كل طرف فى التغاضى عن الفروق و يتظاهر بالرضى و يمثل اتفاقه مع ثقافة الآخر بهدف إن الموضوع يتم! طيب هو ينفع نتمه و الناس مش مقتنعه بحق وحقيقى؟

و أى بيت هذا الذى سيبنى على التظاهر بالرضى؟ و إلى متى سيستمر التظاهر؟
و أى بيت هذا الذى سيبنى على التمثيل؟ و إلى متى سيستمر التمثيل؟
أكيد لفترة و جيزة و سينتهى و ينتهى معه كل شئ بعد إنفجار أحد الطرفين أو كلاهما بعد أن تتخطى الأمور قدرتهم على الإستمرار فى هذه التمثيلية.

من المعلوم أن مؤسسة الزواج يجب أن تكون مبنية على الصدق و الوضوح حتى تنشأ و تستمر ثم تنتج.
و الوضوح يستلزم الاتفاق و الاتفاق يستوجب توحد الثقافات فيكون كل المجنمع صاحب ثقافة واحدة و له أعراف متفق عليها.

عارفين؟ سوف أخبركم بشئ غريب و حاولوا تلاحظوه
المجتمعات صاحبة الثقافة الموحدة تكون الأسر فيها أكثر تماسكا و ترابطا حتى و لو كانت هذه الثقافة الموحدة خاطئة! نعم فالناس لها مرجعية واحدة فى هذا المجتمع و يلتزمون بها مما يعطى فرص كثيرة للاتفاق و من ثم الالتزام بالمبادئ المتفق عليها. فما بالكم لو اتفق المجتمع على ثقافة صحيحة؟ ألن يكون الترابط أقوى و الأسر أكثر استقرارا؟

أندهش الآن عندما أرى الشباب الصغير و هو يحتقر آراء آباءه و ينظر لها على أنها كلام فارغ، و لكن فى نفس الوقت أعذر الشباب فالآباء هم المتسببون فى هذا لأنهم لم يحترموا عقول أبنائهم و أخذوا يتصرفون و كأنهم أصحاب الحكمة لمجرد أنهم أكبر سنا و بالطبع إذا كثرت الآراء الخاطئة الغير مستندة لأى سند علمى أو عملى فإنها تؤدى إلى نتائج غير طيبة و بالطبع سيتم الربط ما بين النتيجة و الرأى المتسبب فيها مما يؤدى إلى فقدان الثقة فى صاحب هذه النوعية من الآراء و إذا استمر الأب فى هذا الأسلوب فإن فقدان الثقة سيؤدى إلى الاستهانة برأيه.

و ماذا بعد؟ سيعلم الأبناء أن أراء آبائهم غير صالحة و سيضطرون إلى البحث عن غيرها و للأسف فلن يجدوا نماذج صحيحة للرجوع إليها أو لن يستطيعوا التقييم و التمييز بين الصالح و الخبيث فيتخبطوا و كل واحد سيعتمد على نفسه فى إيجاد ثقافة جديدة عسى أن تكون صالحة. المشكلة أن أى مبدأ من المبادئ التى يبنى عليها الإنسان قراراته يكون دائما لها أثران، أثر قريب و آخر بعيد المدى، و فى بعض الأحيان يكون الأثر القريب جيد و البعيد سئ فمثلا المخدرات أثرها القريب لذة و نشوة لا تضاهى و أثرها البعيد إنهيار الإنسان معنويا و صحيا، كيف نعرف الأثر البعيد؟ لا يعرفه إلا ذو خبرة. و من أين الخبرة؟ من آباء ذوى آراء رشيدة أو القراءة فى مجالات مفيدة فى الواقع أو متابعة الأحداث بوعى و ملاحظة تطوراتها مع مرور الزمن مهما طال. أما مجرد أن يدعى شخص أنه أكثر خبرة لمجرد أنه أكبر سنا فهذا ليس دليل كافى على الخبرة ما لم يقم عليها دليل يؤكدها. نصيحة لا تكتسبوا خبراتكم من المسلسلات و الأفلام و القصص الغرامية.

هنا نرجع مرة أخرى إلى الدين فالدين منهج حياة و قد وضعه الخالق و هو الأعلم بخلقه و وضع لهم ما يصلح شئونهم، إن الله وضع فى هذه الدنيا نواميس أو قوانين للكون بحيث أن المقدمات المتشابهة تؤدى إلى نتائج متشابهة و هو الأعلم بهذا من خلقه، أما نحن كمخلوقين فنكتسب ما نستطيع من خبرات و هو جزء مهما كبر و كثير من المواقف الجديدة علينا لا نعرف كيف نتصرف فيها و لكن إذا لجأنا إلى علم الله أحسنا التصرف.
هنا يجدر الإشارة بأن الدين كل لا يتجزأ فإذا أردت النفع منه فعليك به كله و هذا رد على من يقولون أن الدين لا يصلح للحياة و أنه غير قابل للتطبيق، فهم يقولون هذا لأنهم يريدون تطبيق جزأ و ترك أجزاء و بالطبع لن ينجح تطبيق أجزاء من نظم مختلفة و لن تؤدى إلى النتيجة المرجوة. أقرب لكم الصورة فلو ضربنا مثل بالطائرة هل تستطيع أن تطير بجناح واحد؟ على الرغم من أن باقى الطائرة مكتمل؟ أو هل إذا أردت لسيارتك أن تطير هل يكفى أن تركب لها جناحان؟ بالطبع لا فلن تطير إلا إذا توفرت فيها كل المواصفات الصالحة للطيران. فهمتم قصدى؟ أى أنك إذا أردت الاستفادة من شئ يجب عليك استعماله ككل فلن تطير لمجرد أنك غستخدمت جناحان فقط!

بمعنى أنه لا يجوز مثلا أن يستخدم الدين لإقرار حق الزوج فقط و نترك الزوجة تحت جور و ظلم زوجها فهذا سيؤدى إلى فساد، فحق الزوج مقترن بحق الزوجة بهذا تستقر الأمور و تصلح الحياة.