Tuesday, May 27, 2008

لخبطة الثقافات من أسرة لأسرة و فرديتها السبب الثانى عشر للعنوسة

السبب الثانى عشر

لخبطة الثقافات من أسرة لأسرة و فرديتها

هذه مشكلة كبيرة أصابت مجتمعنا حيث أنك لا تستطيع أن تحدد صفات عامة سائدة لهذا المجتمع و للأسف قلما تجد أسرتين متفقتين على نفس المبادئ و المفاهيم و بالطبع هذا نتيجة لسببين تحدثنا عنهم سابقا و هما
فقدان الهوية
و انهيار التقاليد و العرف

هذا أدى إلى أنك أصبحت تجد كل أسرة تعتنق مبادئها الخاصة و التى تختلف عن الأسر الأخرى فأصبحت لكل أسرة ثقافة على حده، بل و أحيانا تجد أن لكل فرد فى الأسرة ثقافته المنفصلة فيصبح داخل الأسرة الواحدة ثقافات متعددة و بالمرة صراع ثقافات.

ما أسباب الثقافات الفردية؟
السبب أننا كمجتمع أرحنا أنفسنا و عقولنا من التفكير و المعرفة مما أدى إلى أن الناس لم تعد تعلم أى شئ عن أى شئ فيبنى كل واحد ثقافته على أشياء غير واقعية فمنهم من يبنيها على ما يذكره من آبائه و أجداده أو على ما يتخيل أنها ذكريات و يكون آباءه أبرياء مما يفعل و منهم من يعتمد على استنتاجاته الوهمية الغير مستندة لأى أساس و منهم من يحاول أن يعرف و لكن بدون مجهود فيقرأ مثلا من كل كتاب سطرين أو يتصفح عناوين الموضوعات فيظن أنه عرف ما لا يعرفه الآخرين فيشرع فى تكوين ثقافته الخاصة مهاجما كل من حوله من منطلق أنه الوحيد الذى قرأ أما هم فلا يعرفون شيئا. و هكذا تجد كل واحد فاكر نفسه هو اللى صح و كل اللى حواليه غلط!
طبعا هذه مأساة

عند محاولة الارتباط و بداية التعارف خاصة بين الأسر يظهر التناقد الرهيب بين المفاهيم و من ثم تفشل محاولات التفاهم. فى المحاولات التالية يبدأ كل طرف فى التغاضى عن الفروق و يتظاهر بالرضى و يمثل اتفاقه مع ثقافة الآخر بهدف إن الموضوع يتم! طيب هو ينفع نتمه و الناس مش مقتنعه بحق وحقيقى؟

و أى بيت هذا الذى سيبنى على التظاهر بالرضى؟ و إلى متى سيستمر التظاهر؟
و أى بيت هذا الذى سيبنى على التمثيل؟ و إلى متى سيستمر التمثيل؟
أكيد لفترة و جيزة و سينتهى و ينتهى معه كل شئ بعد إنفجار أحد الطرفين أو كلاهما بعد أن تتخطى الأمور قدرتهم على الإستمرار فى هذه التمثيلية.

من المعلوم أن مؤسسة الزواج يجب أن تكون مبنية على الصدق و الوضوح حتى تنشأ و تستمر ثم تنتج.
و الوضوح يستلزم الاتفاق و الاتفاق يستوجب توحد الثقافات فيكون كل المجنمع صاحب ثقافة واحدة و له أعراف متفق عليها.

عارفين؟ سوف أخبركم بشئ غريب و حاولوا تلاحظوه
المجتمعات صاحبة الثقافة الموحدة تكون الأسر فيها أكثر تماسكا و ترابطا حتى و لو كانت هذه الثقافة الموحدة خاطئة! نعم فالناس لها مرجعية واحدة فى هذا المجتمع و يلتزمون بها مما يعطى فرص كثيرة للاتفاق و من ثم الالتزام بالمبادئ المتفق عليها. فما بالكم لو اتفق المجتمع على ثقافة صحيحة؟ ألن يكون الترابط أقوى و الأسر أكثر استقرارا؟

أندهش الآن عندما أرى الشباب الصغير و هو يحتقر آراء آباءه و ينظر لها على أنها كلام فارغ، و لكن فى نفس الوقت أعذر الشباب فالآباء هم المتسببون فى هذا لأنهم لم يحترموا عقول أبنائهم و أخذوا يتصرفون و كأنهم أصحاب الحكمة لمجرد أنهم أكبر سنا و بالطبع إذا كثرت الآراء الخاطئة الغير مستندة لأى سند علمى أو عملى فإنها تؤدى إلى نتائج غير طيبة و بالطبع سيتم الربط ما بين النتيجة و الرأى المتسبب فيها مما يؤدى إلى فقدان الثقة فى صاحب هذه النوعية من الآراء و إذا استمر الأب فى هذا الأسلوب فإن فقدان الثقة سيؤدى إلى الاستهانة برأيه.

و ماذا بعد؟ سيعلم الأبناء أن أراء آبائهم غير صالحة و سيضطرون إلى البحث عن غيرها و للأسف فلن يجدوا نماذج صحيحة للرجوع إليها أو لن يستطيعوا التقييم و التمييز بين الصالح و الخبيث فيتخبطوا و كل واحد سيعتمد على نفسه فى إيجاد ثقافة جديدة عسى أن تكون صالحة. المشكلة أن أى مبدأ من المبادئ التى يبنى عليها الإنسان قراراته يكون دائما لها أثران، أثر قريب و آخر بعيد المدى، و فى بعض الأحيان يكون الأثر القريب جيد و البعيد سئ فمثلا المخدرات أثرها القريب لذة و نشوة لا تضاهى و أثرها البعيد إنهيار الإنسان معنويا و صحيا، كيف نعرف الأثر البعيد؟ لا يعرفه إلا ذو خبرة. و من أين الخبرة؟ من آباء ذوى آراء رشيدة أو القراءة فى مجالات مفيدة فى الواقع أو متابعة الأحداث بوعى و ملاحظة تطوراتها مع مرور الزمن مهما طال. أما مجرد أن يدعى شخص أنه أكثر خبرة لمجرد أنه أكبر سنا فهذا ليس دليل كافى على الخبرة ما لم يقم عليها دليل يؤكدها. نصيحة لا تكتسبوا خبراتكم من المسلسلات و الأفلام و القصص الغرامية.

هنا نرجع مرة أخرى إلى الدين فالدين منهج حياة و قد وضعه الخالق و هو الأعلم بخلقه و وضع لهم ما يصلح شئونهم، إن الله وضع فى هذه الدنيا نواميس أو قوانين للكون بحيث أن المقدمات المتشابهة تؤدى إلى نتائج متشابهة و هو الأعلم بهذا من خلقه، أما نحن كمخلوقين فنكتسب ما نستطيع من خبرات و هو جزء مهما كبر و كثير من المواقف الجديدة علينا لا نعرف كيف نتصرف فيها و لكن إذا لجأنا إلى علم الله أحسنا التصرف.
هنا يجدر الإشارة بأن الدين كل لا يتجزأ فإذا أردت النفع منه فعليك به كله و هذا رد على من يقولون أن الدين لا يصلح للحياة و أنه غير قابل للتطبيق، فهم يقولون هذا لأنهم يريدون تطبيق جزأ و ترك أجزاء و بالطبع لن ينجح تطبيق أجزاء من نظم مختلفة و لن تؤدى إلى النتيجة المرجوة. أقرب لكم الصورة فلو ضربنا مثل بالطائرة هل تستطيع أن تطير بجناح واحد؟ على الرغم من أن باقى الطائرة مكتمل؟ أو هل إذا أردت لسيارتك أن تطير هل يكفى أن تركب لها جناحان؟ بالطبع لا فلن تطير إلا إذا توفرت فيها كل المواصفات الصالحة للطيران. فهمتم قصدى؟ أى أنك إذا أردت الاستفادة من شئ يجب عليك استعماله ككل فلن تطير لمجرد أنك غستخدمت جناحان فقط!

بمعنى أنه لا يجوز مثلا أن يستخدم الدين لإقرار حق الزوج فقط و نترك الزوجة تحت جور و ظلم زوجها فهذا سيؤدى إلى فساد، فحق الزوج مقترن بحق الزوجة بهذا تستقر الأمور و تصلح الحياة.