Wednesday, May 28, 2008

نشوء ثقافة مجتمعية خاطئة و متناقضة مع مجتمعنا و انتشار مفاهيم خاطئة السبب الثالث عشر

السبب الثالث عشر


نشوء ثقافة مجتمعية خاطئة و متناقضة مع مجتمعنا و انتشار مفاهيم خاطئة

ظهرت هذه المشكلة كنتيجة للمشكلة السابقة فبعد أن فقدت الأجيال الجديدة الثقة فى مبادئ المجتمع الذى ينتمون إليه و تزامن هذا مع الإنبهار بالحضارة الغربية و وضوح مدى الفجوة بيننا و بينهم فى التقدم و القوة، كما أن الغرب طور أساليب قوية لنشر ثقافة موجهة و إيهامنا بأن هذه الثقافة هى التى أدت به إلى الرقى و التقدم و لكن هذا خداع و للأسق أننا انخدعنا بمنتهى البساطة.
بالطبع الإنسان الفاقد لنموذج جيد للمبادئ سينجرف بدون قصد وراء ما تبثه وسائل الإعلام الموجهة و المخادعة وراء الثقافة الغربية و يأخذ منها و يطبق بلا فهم و لا وعى، طبعا المبادئ الغربية تتفق مع المنافع و الملذات القريبة و لكنها فى النهاية تؤدى إلى آثار سلبية على المدى البعيد.
أنا لا أنكر التقدم الغربى و لكن أنكر الأسباب التى ننجرف نحن ورائها فهم لم يتقدموا بسبب تبرج و تعرى النساء و لا بفقدان الرجال لكرامتهم و لا بشرب الخمر و لا الحرية الجنسية و لا بعدم احترام الكبير و لكنهم تقدموا بسبب العمل و الجهد المتواصل و الصبر و التخطيط و استمرار تماسك القائمين على التطوير و نقل الخطط بصورة صحيحة للأجيال القادمة.

للأسف أننا تخيلنا أن الدين و العادات السليمة المتوارثة تقيدنا و تعيقنا و ظننا أن الانحلال الذى يقدمه الغرب هو الحل و أصبح الكثير يتباهى بانحلاله على أن هذا تقدم و حضارة.
و لكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح.

كما قلت لكم لكل مبدأ نقوم بتطبيقه أثر على المدى القريب و آخر على المدى البعيد. نقول مثال سريع

الشاب المتفتح معتنق المبادئ الغربية يكون سعيد جدا بصديقته المتشبهة بالغرب و ينطلقون بحرية لينالوا كل ما يشتهون من ملذات، و تأتى لحظة الحقيقة و التخطيط للزواج، عندها يهجر الشاب عشيقته المتحررة ذات الطابع الغربى و يبحث عن فتاة محترمة ذات طابع شرقى!!!

أليس هذا ما يحدث؟

الفتاة المتحررة كسبت على المدى القريب كل الملذات و على المدى البعيد خسرت زوجا كانت تهدف إليه.
أما الفتاة المحترمة الشرقية عانت من القيود على المدى القريب و لكنها فازت بزواج ذو علاقة متينة مبنية على الثقة على المدى البعيد.

هذا مجرد مثال بسيط لتوضيح الأثر القريب و البعيد و لكن فى الواقع هناك أمثلة أطول أمدا و أكثر تعقيدا و لا يستوعب أحد الدرس إلا بعد سنوات بل عقود عديدة. فمثلا الحرية الجنسية و معروف أنها مكفولة فى أمريكا و لكن هل تذكرون مؤتمر حقوق المرأة الذى عقد فى الصين منذ عدة سنوات و كانت مصر من ضمن الدول المشاركة فيه؟ فى هذا المؤتمر تمت التوصية بتطبيق الحرية الجنسية و كذلك تدريس الجنس فى المدارس فى كل دول العالم و فى نفس الوقت حدثت مظاهرات نسائية قوية جدا فى الولايات المتحدة الأمريكية تتعارض مع المؤتمر و كان مفادها أن الحرية الجنسية و تعليمها فى المدارس أدى إلى فساد كبير فى المجتمع الأمريكى و نحن ننادى بمنع الحرية الجنسية و منع تدريسها، هذا كلام مجتمع عانى من التحرر و كنا نظنه ينعم بالتحرر، و لم يدرك المجتمع سوء النتيجة إلا بعد أن وقعت بالفعل.
أيضا فيما قبل التسعينيات من القرن الماضى كانت أوروبا تشجع الرضاعة الصناعية حفاظا على جمال و قوام المرأة و اعتبروا الرضاعة الطبيعية انتهاكا لحقوق المرأة، ثم فى التسعينيات حدث العكس و انطلقت الدعوات الكثيفة للعودة للرضاعة الطبيعية و وجدوا أنها تحمى من سرطان الثدى و تقى المرأة و الطفل من الأمراض النفسية و تزيد الروابط بين الأم و الأبناء ،و بالتالى الأسرة ككل، كما أنها تحافظ على صحة و جمال المرأة أكثر.

فى المثالين الأخيرين لم يتم إستيعاب خطأ الفكرة إلا بعد تنفيذها لعشرات السنوات. أقصد من هذا أننا لو اعتمدنا على تجاربنا فقط دون الاعتماد على مصادر دقيقة سيعرضنا هذا للكثير من الخسائر و الفساد و ضياع السنوات حتى نفهم و نكتشف الصواب من الخطأ. و هذا على مستوى الدول و المجتمعات فما بالكم بها على مستوى الأفراد؟

نخلص من هذا أنه لا يجدر بنا ضرب الأعراف و التقاليد الصحيحة و البحث عن تجارب لم تكتمل و نضيع الوقت فى انتظار و فهم النتائج و ألا نرجع لخبرات السابقين و لا نستفيد من تجاربهم فهذا إهدار لكل القيم.

المضحك و الداعى للسخرية فى الموضوع أننا مصرين على إعادة التجارب الغربية بعد أن ثبت فشلها!
أم تعتقدون أننا مصرون على انتهاج طريق الفشل و أننا كارهون للنجاح؟

لهذا يجب علينا التمسك بقيمنا و مبادئنا، طبعا الصحيح منها و الاحتفاظ بهويتنا لأننا كشرقيين عندما سنتزوج سنبحث أيضا عن شرقيين و سنستقر كأسر شرقية. و أريد أن أذكركم أن أجدادنا سادوا العلم وقت أن كانوا شديدوا التمسك بهويتهم.